لا يزال تطبيق “تيك توك” يقف على مفترق طرق حاسم في الولايات المتحدة، وسط جدل طويل الأمد حول أمن البيانات والتدخل الحكومي. فبعد سنوات من التهديدات والمحاكمات والمواقف السياسية المتغيرة، تلوح في الأفق قرارات مصيرية قد تؤدي إما إلى حظر التطبيق نهائيًا أو إجباره على الانتقال إلى ملكية أميركية. ومع اقتراب الموعد النهائي في 5 أبريل 2025، تتسارع الخطى للوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف.
الجدل الأمني منذ عام 2020: البداية مع ترامب
بدأت القصة في عام 2020 حين أصدر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا يطالب بحظر التطبيق، متذرعًا بمخاوف تتعلق بـ”الأمن القومي”، بسبب ارتباط “تيك توك” بشركة “بايت دانس” الصينية.
لكن القضاء الأميركي تدخل سريعًا لإيقاف القرار، مما منح “تيك توك” فرصة للاستمرار. هذا القرار القضائي أعاد التوازن مؤقتًا وأبقى التطبيق ضمن متناول المستخدمين الأميركيين، وفقًا لتقرير نشره موقع “تك كرانش”.
إدارة بايدن تعيد إشعال الجدل: قانون يجبر على البيع
لم تدم الهدنة طويلًا، إذ عاد الجدل بقوة مع تولي جو بايدن الرئاسة. وفي عام 2024، أقر الكونغرس مشروع قانون يفرض على “تيك توك” إما أن يُباع لشركة أميركية أو يُواجه الحظر.
ورغم محاولات “تيك توك” القانونية للطعن في القانون، فقد أيدت المحكمة العليا الأميركية القرار، مما أدى إلى تعطيل التطبيق مؤقتًا في يناير 2025.
لكن الموقف السياسي لم يبقَ على حاله، إذ عاد ترامب ليتدخل مجددًا، لكنه هذه المرة دعا إلى حل وسط يضمن بقاء التطبيق ويُحقق التوازن بين الأمن القومي وحرية السوق.
المشترون المحتملون: تحالفات وشركات عملاقة في السباق
مع تصاعد الضغوط، ظهر عدد من المشترين المحتملين، ما بين شخصيات تكنولوجية شهيرة وشركات عملاقة، وكلٌ منهم لديه تصور مختلف لمستقبل “تيك توك”.
تحالف “عرض الشعب”: تكنولوجيا وشفافية
يُعد هذا التحالف من أكثر الفرق لفتًا للانتباه، ويقوده رواد في عالم التقنية مثل:
-
أليكسيس أوهانيان (مؤسس Reddit)
-
كيفن أوليري (مستثمر معروف من برنامج Shark Tank)
-
تيم بيرنرز لي (مخترع الويب)
-
ديفيد كلارك (باحث في MIT)
يركز هذا الفريق على إنشاء نسخة أميركية من “تيك توك” تُدار بنموذج مفتوح المصدر، مع ضمانات صارمة لحماية خصوصية المستخدمين.
اتحاد المستثمرين الأميركيين: عرض بقيمة 30 مليار دولار
يُعتبر هذا الاتحاد من أقوى العروض المطروحة، ويقوده:
-
جيسي تينسلي (الرئيس التنفيذي لـEmployer.com)
-
ديفيد بازوكي (مؤسس Roblox)
-
ناثان ماكولي (رئيس Anchorage Digital)
-
جيمي دونالدسون (MrBeast) (أحد أكبر صناع المحتوى على يوتيوب)
يتبنى هذا الاتحاد رؤية تُركز على دمج إمكانات “تيك توك” في الاقتصاد الرقمي الأميركي وتوسيع نطاقه التجاري.
شركات التكنولوجيا الكبرى: عودة المنافسة الكلاسيكية
تسعى شركات عملاقة للحصول على حصة في “تيك توك”، ومنها:
-
مايكروسوفت: سبق أن حاولت الاستحواذ على التطبيق عام 2020، وتُجدد الآن اهتمامها.
-
أوراكل: يُنظر إليها كشريك تقني محتمل، بفضل بنيتها التحتية السحابية.
-
أمازون: دخلت مؤخرًا في المشهد، وتهدف إلى استخدام “تيك توك” كمنصة دعم للتجارة الإلكترونية.
-
وول مارت: ترى في التطبيق أداة فعالة لتوسيع نشاطها التجاري عبر الإنترنت.
خيار “تيك توك أميركا”: حل وسط مقترح
يقترح بعض المراقبين نموذجًا يُعرف باسم “TikTok America”، حيث تُمنح الملكية بنسبة 50% لمستثمرين أميركيين، وتحتفظ شركة “بايت دانس” بنسبة 19.9%.
هذا النموذج يهدف إلى الحفاظ على جوهر “تيك توك” وميزاته، مع معالجة المخاوف الأمنية وتوفير بيئة قانونية تتماشى مع السياسات الأميركية.
العد التنازلي للقرار: هل تُحسم الصفقة قريبًا؟
بين الضغوط السياسية والمنافسة الاقتصادية والقلق الأمني، يظل “تيك توك” تحت المجهر. ومع اقتراب الموعد الحاسم في 5 أبريل 2025، يتوقع العديد من المحللين أن تُحسم الصفقة في اللحظات الأخيرة، سواء عبر البيع المباشر، أو عبر حل توفيقي يُعيد تشكيل التطبيق من الداخل.ويبقى السؤال: هل يشهد العالم ولادة “تيك توك أميركا” أم يختفي التطبيق من المشهد الرقمي الأميركي؟ الأيام القليلة القادمة ستكون حاسمة.
اترك تعليق