في واقعة تثير القلق بشأن أمان السيارات الكهربائية، تعرضت سيارة “هيونداي أيونيك 5” للسرقة في أقل من 20 ثانية على يد لص محترف في المملكة المتحدة. الحادثة التي وثقتها كاميرا المراقبة الخاصة بالخبير في الأمن الرقمي إليوت إنغرام، سلطت الضوء على واحدة من أخطر الثغرات التقنية في أنظمة فتح السيارات الذكية. وبحسب تقرير نشرته صحيفة الغارديان، فقد وقعت السرقة بسرعة فائقة دون كسر أو تكسير، وهو ما يشير إلى استخدام أدوات إلكترونية متطورة لاختراق النظام الأمني للمركبة.
جهاز إلكتروني متوفر على الإنترنت: السر في السرقة السريعة
المفاجأة الكبرى كانت في الأداة التي يُعتقد أن اللص استخدمها، وهو جهاز يُباع عبر الإنترنت بسعر يصل إلى 16 ألف دولار، قادر على تكرار الإشارة الإلكترونية لمفتاح السيارة الذكي. اللافت أن تصميم الجهاز يشبه إلى حد كبير جهاز “نينتندو غيم بوي”، ويعمل باللغتين الإنجليزية والروسية، ما يفتح الباب أمام انتشار واسع لهذه الأداة بين العصابات المنظمة.
الجهاز قادر على التقاط إشارات المفتاح الذكي خلال مدة تتراوح بين 10 ثوانٍ ودقيقتين، ومن ثم تخزينها في ذاكرته وإعادة بثها لتطابق الإشارة الأصلية، مما يفتح السيارة بكل سهولة دون الحاجة لأي تواصل فعلي مع المفتاح الأصلي.
هيونداي تحت المجهر: غضب العملاء ومطالب بالتعويض
إليوت إنغرام، البالغ من العمر 38 عامًا، لم يلتزم الصمت بعد استرجاع سيارته من الشرطة، بل تقدم بشكوى رسمية ضد شركة “هيونداي”، مطالبًا بتعويض مالي وإنهاء عقد الإيجار، مشيرًا إلى أن الشركة لم تُبلغه مسبقًا بوجود هذه الثغرة الأمنية.
وأكد إنغرام في رسالته إلى “هيونداي” أن الشركة تتحمل مسؤولية إعلام العملاء بمثل هذه التهديدات الأمنية، ليتسنى لهم اتخاذ إجراءات حماية إضافية مثل قفل عجلة القيادة أو تثبيت نظام أمني مستقل.
رد هيونداي: التعاون مع الشرطة وتحسين الأنظمة الأمنية
من جهتها، اعترفت “هيونداي” بوجود تحديات أمنية تواجه قطاع صناعة السيارات ككل، خاصة في ظل انتشار أجهزة إلكترونية مصممة لاختراق أنظمة المفاتيح الذكية. الشركة أكدت أنها تعمل بشكل مكثف مع الجهات الأمنية لتتبع هذه الأجهزة وتحسين نظام الأمان في سياراتها.
وأضافت أن جميع السيارات المنتجة اعتبارًا من فبراير 2024 تحتوي على التحديثات البرمجية والأمنية الأخيرة، التي من شأنها الحد من مخاطر السرقة.
تقنيات “المفتاح الذكي”: بين الراحة والمخاطر
رغم أن “هيونداي” تروّج لفكرة المفاتيح الذكية التي تسمح بفتح السيارة وتشغيلها دون إخراج المفتاح من الجيب أو الحقيبة، إلا أن هذه الميزة أضحت هدفًا سهلًا للمخترقين والمجرمين. فبحسب تحقيق أجرته صحيفة “ذا أوبزيرفر”، تجاهلت شركات صناعة السيارات تحذيرات أطلقها خبراء أمنيون منذ أكثر من عقد، مفادها أن هذه التكنولوجيا قد تساهم في زيادة معدلات سرقة السيارات.
ارتفاع حاد في سرقات السيارات داخل بريطانيا
الأرقام الرسمية تعكس خطورة الوضع، حيث ارتفعت سرقات السيارات في إنجلترا وويلز بنسبة 84% خلال عشر سنوات، من 70,053 حالة في مارس 2014 إلى 129,127 حالة في مارس 2024، وفقًا لبيانات مكتب الإحصاءات الوطنية. واللافت أن 40% من هذه السرقات تمّت باستخدام أجهزة إلكترونية للتحكم عن بُعد.
الحكومة البريطانية تدخل على الخط
في محاولة للتصدي لهذه الظاهرة المتنامية، تعمل الحكومة البريطانية على إعداد قوانين جديدة تهدف إلى ملاحقة مستخدمي وتجار الأجهزة الإلكترونية التي تُستخدم في سرقة السيارات، كما تسعى إلى إلزام الشركات المصنعة بإجراءات وقائية أكثر صرامة.
رأي خبراء الأمن السيبراني: لا حاجة للخبرة.. فقط اشترِ الجهاز
علق كين مونرو، الشريك المؤسس لشركة “Pen Test Partners” المتخصصة في الأمن السيبراني، قائلاً: “لا يحتاج سارق السيارة العادي اليوم إلى خبرة تقنية، كل ما يحتاجه هو شراء جهاز مخصص يقوم بالمهمة نيابة عنه”. وأشار إلى أن هناك سباقًا محتدمًا بين الشركات المصنعة التي تطور أنظمتها الأمنية، وبين عصابات الجريمة المنظمة التي تبتكر باستمرار أدوات جديدة لتجاوز تلك الأنظمة.
هل تنجح التحديثات في صد الهجمات؟
رغم الجهود المبذولة من شركة “هيونداي” لتقوية نظام الأمان من خلال تحديثات البرامج والأجهزة، إلا أن الشركة لم تُخطط حتى الآن لاستدعاء أي من مركباتها القديمة لتعديل أنظمتها. وصرّح أحد متحدثي الشركة قائلًا: “نحن ندرك أن الأمر يشبه سباقًا ضد عصابات متطورة وممولة جيدًا لا تتوانى عن سرقة السيارات باستخدام أي وسيلة ممكنة”.
التكنولوجيا ليست آمنة دائمًا
تكشف هذه الحادثة أن الابتكار في مجال السيارات الذكية لا يكفي وحده لحماية المستخدمين. فبينما تسعى الشركات لتوفير الراحة والتقنيات الحديثة، يتعين عليها أن تضع الأمن الرقمي في صدارة أولوياتها. وإلى أن يتحقق ذلك، يبقى الحذر مطلوبًا من جميع السائقين، ولا بأس بالعودة إلى الوسائل التقليدية للحماية مثل قفل عجلة القيادة، فربما تكون هي خط الدفاع الأخير أمام اللصوص.
اترك تعليق